الاثنين، فبراير 18، 2008

أرجوك، لا تبهـت!!

كتبت رقية الهويريني في زاوية المنشود في جريدة الجزيرة السعودية مقالا تمنيت أن أكون من كتبه فقد لامس قلبي ، كتبت وقالت:
.
حين تسعد روحك برؤية شخص عزيز عليك، ويزدان المكان بحضوره وتعطر أنفاسه الزوايا، وترى الحياة جميلة من خلاله، تشقى لغيابه، تتألم لبعده، تتوجع لرحيله، تكابد الوله وتقاسي الوحدة بدونه. بينما تظل واقفاً، شامخاً تُشعر من حولك بالصمود.وأنت في أشد حالات ضعفك لدرجة أنه لو لامستك أنامل لوقعت متهالكاً قد امتص الزمن رحيقك وجففت شمسه حيوية تسري بعروقك. ويبقى هذا الشخص هو دون سواه من يعيد لك كل ما فقدته من رونق الحيا.هو دون سواه من يغذي روحك ويملؤها بالتفاؤل ويسقي بذور الأمل من جديد، فتنمو وتخضر أوراقها ويستقيم سوقها.هو دون سواه من يجعل البسمة تشرق فوق شفتيك، وهو دون غيره من يحيل ذلك الحزن الرمادي إلى فرح يتلألأ بألوان الطيف.
.
تعيش أيام الغياب وتقتات لحظات الحضور، وكأنك تعيش أشبه ما تكون بين الموت والحياة فكيف بشخص يجعلك تعيش هذين الضدين؟! تمعن النظر فيه فلا تجد ملامحه أجمل ما في الكون ولا أطيب ما على الأرض، ولا هو أكثر الناس كرماً أو أشدهم حُلماً أو أغدقهم حناناً أو أرقهم عطفاً! بيد أنه هو من يشغل القلب ويملأ البصر! هو دون سواه من تبحث عنه بين أكوام الصور وبين عداد البشر. وتنتظره ليملأ جوانحك دفئاً ويروي عقلك ثراء، ويسكب في سمعك أحلى الألحان، وتعجب من هذا الثراء الذي يمنحك إياه بكل عفوية وبساطة. وتستغرب من هذا الأسر الجميل بقيود الرقة واللطف. كل ذلك السطوع يشرق في عقلك ويومض في قلبك ثم... ما تلبث فجأة أن تفقد ذاك البريق وذلك السطوع! تبحث عنه بين جوانحك، فتجد ذلك الطير قد حلق بعيداً॥ كيف؟ من أحال السطوع إلى حالة من الخفوت؟ من سرق الإشراق الذي كان يسكنه وأبقاه باهتاً دون روح؟ من أحال ذلك الضجيج الممتع إلى أشد حالات السكون المفزع؟ أين ذلك البهاء وذلك التألق وتلك النضارة من هذا الشحوب؟ كيف أصبح صوته بدرجاته ونغماته لا يحيي ما بداخلك من حماس وتوقد للحياة؟ كيف أمست أنفاسه عمليات حيوية من الشهيق والزفير فحسب، بعد أن كانت تمثل لك أريجاً من عطور وشذى من زهور؟ كيف أضحى غيابه يحسب زمناً بشهوره وأيامه، بعد أن كان ألماً ووجعاً وشقاء؟ أين معالم الصورة التي كنت تتحسسها فتجدها رباعية الأبعاد؟ وفجأة أصبحت ورقة تغرق في ألوان لا معنى ولا رائحة لها! وطالما تمنيتُ أن تظل أنت دون سواك براقاً في حياتي، لامعاً في سمائي، ساطعاً في وجداني.
.
.
.
.
فأرجوك - حقاً- لا... تبهت!!

ليست هناك تعليقات: