الأحد، ديسمبر 03، 2006

وفاة كلمات

عندما نقرأ كلمات لشخص متوفى ... نشعر بأن هناك أشواك تنغرس في الجسم وأن الجسم بدأ يرجف بمجرد قراءة الكلام ..
غريب هو الإنسان يترك أثراً لروحه في كلماته .. لروحه التي كان يملكها في جسده ...
ويترك مع كلماته آماله .. أحلامه ... أحزانه ...
كلماته تدل على كل شيء في شخصيته ... حتى تكاد تراها من خلال كلماته ..
فتتأمل الحروف .. وخط يده .. والورقة التي اختارها للكتابة عليها .. فتشعر أنها تجمع شخصيته ...
حتى إن كان يكتب من خلف الشاشة ... فأنت تشعر من خلال الكلمات بكثير من المشاعر .
. و إذا علمت أن من كتب هذه الكلمات إنسان متوفى ... تزيد في التأمل في الكلمات ...
وتظل تفكر .. وتفكر ... وتفكر .. كم كانت آماله كبيرة ! وكم كان يأمل بأن يعيش أكثر !!
فإن كان حزينا .. فأنت تشعر بكلماته أنه يكتبها لهدف إخراج الحزن الدفين ليعيش حياة أفضل ...

وعلى الرغم من بُعد المسافة ... وانعدام الصوت والصورة... إلا أن المشاعر المتدفقة تصل عبر حروف... كنا نعتقد أنها بكماء... فإذا هي أكثر فصاحة من أي لسان وأكثر وضوحا من أي صورة ..

من يصدق أن هناك من يقرأ كتبا ويتأمل طباعة حروفها .. ويعشقها .. ويعشق كاتبها والكاتب متوفى ... فهو في عصر غير هذا العصر ..
هل كان يتوقع هذا الكاتب أن هناك من سيقرأ كلماته بهذه الأريحية ويتأملها بكل استمتاع ...
وكيف استطاع نشرها ؟ وهي تمثل مرحلة في حياته ..بمشاعره الكاملة فيها وقد لا يرغب في أن يعرفها أقرب الناس له ... ثم يقوم بنشرها على الملأ وكأن شيئا لم يكن ...
أحيانا عندما أكتب بعض الكلمات أشعر ببعض الأنانية فأنا لا أرغب أن يرى أحد حروفي .. ولا أرغب أن يرى أحد كلماتي على الرغم أنه لا يوجد فيها الجديد أو المميز عن كلام الناس ... لكنها حروفي أنا .. ولا أرغب في أن يقرأها أحد ...

ويلومني البعض على عدم نشرها ... وأنا أفكر هل تستحق حقا جميع الكتابات النشر؟!وهل كل كتابة يكتبها الإنسان يستطيع نشرها ... ويستطيع البوح بها للناس .. حتى وإن لم تكن خاطئة!
هل كل ما ينشر يستحق القراءة؟
أتوقع أن الخوف من نشر الكتابة هو الشعور بأن الكتابة شخصية فلن تهم الآخرين .بل على العكس ستضر الكاتب أكثر مما تنفعه ... إذ تكشف خوافي في نفسه ينبغي ألا تكشف لأحد ...
فتتوفى هذه الكلمات مع وفاة صاحبها لأنه لم ينشرها .. ولم ير فيها ما يستحق النشر ...!!!

ليست هناك تعليقات: