الخميس، مارس 22، 2007

كـــوكـــب الأمـــــل

صفحة بيضاء بها عدة بقع من الألوان ...

تلك هي اللوحة التي رسمتها .. والتي كانت تمثل جزءاً من حياتي ..

فحياتي ملونة بألوان كثيرة ..

وضعت على صفحة بيضاء التي هي طبيعتي التي خلقني الله عز وجل عليها ..

لا شكل محدد لهذه الألوان مجرد بقع منثورة ...

إلى فترة قريبة كان هناك أثر للون الأبيض ...

ولكنه منذ سنوات بات يختفي هذا اللون وأصبح يتلون بألوان عديدة


من ألوان الحياة .. وألوان العمر .. التي هي متشكلة على حسب الأحداث والوقائع ...

حتى تلاشى اللون الأبيض ولم يعد له أثر في حياتي ...

عندها اعتزلت الحياة ... اعتزلت الناس ...

لكي أرتب حياتي .. وأرتب ألوانها المتداخلة والكثيرة ...

فهي متداخلة بشكل يصعب التفرقة بينها ..

فلقد اختلطت الألوان وشكـّلت ألوانا جديدة غير الألوان الأصلية التي صبغ بها اللون الأبيض ..

وبت لا أفهم هذه الألوان ولا أميزها ...

وكان لابد من العزلة لفصل الألوان وترتيبها وإعادة شيء من اللون الأبيض إلى نفسي ...

نفسي ..
تلك التي فقدتها شيئا فشيئا ...

إلى أن أصبحت لست نفسي .. أصبحت غريبة ..

ففي تلك اللحظة عرفت أن نفسي غريبة عن نفسي ...

فمن سيفهم نفسي إن لم أفهمها أنا ...

وكان تطبيق قرار العزلة ... دامت العزلة شهور وشهور ..

ثم تحولت إلى سنوات ...

عشت فيها أياما غريبة أغرب من نفسي الغريبة ..

فأصبحت روحي غريبة عن نفسي .. ونفسي غريبة عن نفسي ..

وكل الأمور الغريبة اجتمعت .. وعشت في ضياع ..

ولم أجد أي أثر للطريق الصحيح .. فنفسي تائهة وسط نفسها ..

وهنا وصلت لمرحلة لا يعرفها إلا من جربها ...

ولا يستطيع أن يصفها إلا من سقط فيها ..

هي مرحلة يصلها المدمن على المخدرات ..

مرحلة غربة الروح .. وغربة النفس ..

ولابد من قرار صعب وقوي يواجه فيها نفسه إن لم يخف منها ..

لكنه يخاف من نفسه .. ومن الناس .. ومن العالم ...

فكل ثقة العالم تبددت من نفسه .. وكل اعتزازه بنفسه اختفى ...

فمن ينقذ هذه النفس التائهة ... من نفسها ...

دوامة متداخلة .. كبيرة ..

وبقع ألوان متداخلة ... وصغيرة ..

وزمن وسنوات تذهب .. وتمر ولا يشعر الإنسان إلا أن السنة تتبعها سنة أخرى ..

وأن العمر يذهب .. والعقل يعمل .. لا يصل إلى قرار يريح فيها نفسه الغريبة ...

فيتبلد العقل تضامنا مع نفسه ... التي تبلدت ..

فلا شيء يثيرها .. ولا شيء يعيدها إلى نفسها ...

ويلتفت فيجد أن الناس تغيروا .. حتى أقرب الناس له تغير ...

فما عاد يفهم ما يريد .. وما عاد يعلم ما يفعل ...

ويسقط في إدمان .. وراء إدمان .. ويعالج الإدمان بإدمان آخر ...

وعندها يعلم أنه وصل إلى نهاية النهاية ...

وعلمتُ أنا أني اقتربت منها ..

وكان لابد من الخروج بأي شكل ومهما كان الثمن والألم

ولكن أنّى لي بالقوة التي تساعدني على الخروج ..

بحثت في من حولي لم أجد فيها من يمكنه فهم ما أمرُّ به ..

وعندها سافرت .. سافرت إلى هناك ..

إلى البعيد ..

حيث لا بداية ... ولا نهاية ...

حيث كل شيء كما يجب أن يكون ...

وكل أمر مرتب كما أردت أن يكون ..

فلا حزن .. ولا كآبة ...

ولا توتر .. ولا قلق ..

ولا كوابيس .. ولا أي شيء .. سوى ما أريد أن أكون ..

سافرت .. ولم يطل سفري كثيرا ..

أقل من فترة الضياع التي عشتها ...

وعشت في كوكبي مع من بقي من المحبة في نفسي ..

تركت كل الأمور الأخرى على الأرض ..

فلا شيء في الأرض يخصني .. أو يهمني ...

كل ما على كوكب الأرض بات يجلب لي الهم ..

ويجلب لي القلق .. من ردة فعله تجاه الأمور ...

وكانت حياتي في كوكب .. أجمل الأيام ..

فكل خطأ يغتفر .. ويمسح .. وكأنه شيء لم يكن ...

وكل صواب يستمر... ويستمتع به ...

وكانت هناك بداية البداية ...

وبدأت من جديد .. أضع ألوان لوحتي بنفسي ..

في كوكبي الألوان متوافرة ...

ولكن لا وجود فيها للأسود ...

ولا وجود فيها لكل الألوان التي تمتزج وتشكّل الأسود ...

وحتى السماء التي فيها كوكبي ..

هي سماء مليئة بالنجوم المحبوبة .. المألوفة

التي تؤكد أنه مهما كان الظلام دامسا فلا بد أن يكون هناك انبعاث بصيص من نور من وسط هذه الظلمة ...



ليست هناك تعليقات: