السبت، سبتمبر 09، 2006

وحدة

يقول علي الطنطاوي في كتابه من حديث النفس:

"عجزت عن احتمال هذه الوحدة، وثقل عليّ هذا الفراغ الذي أحسه في نفسي، فخالطت الناس، واستكثرت من الصحابة. فوجدت في ذلك أنساً لنفسي واجتماعاً لشملي فكنت أتحدث وأمرح وأمزح وأُضحك وأَضحك حتى ليظنني الرائي أسعد خلق الله وأطربهم، بيد أنني لم أكن أفارق أصحابي وأنفرد بنفسي، حتى يعود هذا الفراغ الرهيب، وترجع هذه الوحدة الموحشة" ا.هـ

في كل مرة أشعر بالوحدة وأتألم من أسواطها أعود لكتاب علي الطنطاوي وحديثه عن نفسه وبالأخص حديثه عن الوحدة فأجد أنه وصفها وصفا دقيقا وكأنه يتحدث عني أنا ولا يتحدث عن نفسه .. ولو أردت الحديث عما أشعره لم أستطع الوصول لنفس دقة وصفه ...


سابقا كنت أرى أن الوصف ينطبق علي تماما أما الآن فأشك بأن من ينظر إلي يراني أسعد خلق الله بل ينظر إليّ بعين الحيرة فيجد نفسه يتساءل من هذه؟ ولماذا هي هكذا؟ وقد يشتمني في داخله على الرغم أني قد أكون لم أتحادث معه بحرف وقد أكون لم ألحظه بنظرة


فالنظرات الشغوفة والفضولية التي تستمتع بالتأمل في الناس وفي وجوههم اختفت ولم أعد أملكها وأصبحت أستمع لما يريده الناس دون النظر إلى وجوههم لأني أنساها بسرعة ولا أتذكرها فما فائدة النظر إليها !!!


وإن كانت الرغبة في مساعدة الناس هي نفسها لم تتغير بل قد تكون زادت حدّتها عن السابق إلا أنها ما عادت تشعرني بالسعادة كالسابق بل تزيدني حزنا فوق حزني لأني أشاهد عزوف الناس عن مساعدة بعضهم البعض مالم تكون هناك فائدة مرجوة من مساعدتهم أو فائدة مستخلصة من مساعدتهم

لا أعلم الوحدة هي ما تجعلني أسطر كلماتي التي يقرؤها الآخرون ...
وعلى الرغم من أنني أجلس وسط أناس كُثُر لكن مشاعر الوحدة تلازمني دوما .. لأنهم بعيدون عني تماما ولا يربطني بهم سوى قربهم مسافة

وحدتي ثقيلة لكنها أخف من وحدتي وسط الناس

ليست هناك تعليقات: